‮لماذا يهتمُ علماء الآثار؟ ‭

كما رأيتَ الآن ، يُمكننا إنشاءَ صوراً مذهلة باِستخدامِ الصور مُتعدِّدةِ الأطياف ولكن ما فائدة هذا لعلماءِ الآثار ؟ سنُظهِرُ لك/كم في هذه الخطوة كيف يُمكِنُ أن تكون مفيدة جداً في جميعِ المجالات الثلاثة التي أبرزناها في الأسبوع الأول : التنقيبُ وعلم آثار المظاهِر الطبيعية وحماية التراث.

التنقيبُ الأثري

قد يكونُ الأمرُ مُفاجئاً ، لكن الصورَ مُتعددةُ الأطياف يمكن أن تكون مفيدة حقًا في المساعدة في اِكتشاف المواقع الأثرية وذلك لأن التربة التي تتشكّلُ منها المواقع الأثرية غالبًا ما تختلِف عن التربة الأخرى في المنطقة المجاورة . وهذا الأمرُ ناتجٌ عن نشاطِ الأشخاص الذين عاشوا هناك في الماضي والذي يمكن أن يُغيّر طبيعةَ التربة المحلية عن طريقِ تغيير خصائصها الفيزيائية من خلال دمج مواد مثل القمامة المنزلية والرماد وروث الحيوانات والطين المُتحلِّل وغيرها من مواد البناء . قد تظهر هذه التربة المُتميزة آثارياً بشكلٍ جيد في الصور التي تستخدِمُ أطوالاً موجية غير مرئية من الضوء . وتُعتبرُ التِلال المحروثة (التلال الاِستيطانية) مثالًا رائعًا على ذلك ، كما تبدو التُربة المُفكّكة التي تنشأ من الطين المُفكّك مُختلِفةً تمامًا عن الأراضي الزراعية المُحيطة والتي يجب أن تعكِس بشكلٍ أوثق التُربةَ المحليّة الطبيعية .

_{لاحظ كيف تبدو المواقع الأثرية التي أبرزتها الخطوط العريضة البيضاء باللون الحقيقي المُركب لتل ليلان (أعلاه) الواقِع في شمال شرق سوريا أكثر وضوحًا في اللون الزائف المُركب (أدناه). كما أن المجاري المائية أكثر وضوحًا أيضًا. هل يمكنك رؤية أي مواقع مُحتمَلة أخرى ؟ صور Sentinel-2 (4/3/2 و 12/8/3) بترخيصٍ من وكالة الفضاء الأوروبية .}

إنّ آثارَ الأراضي الرطبة هو مثالٌ رائعٌ آخر على كيفية اِستِخدامِ الصور مُتعدِّدة الأطياف للتنقيبِ عن المواقِعِ . تتفاعَلُ المياه والأراضي الجافة والنباتات بشكلٍ مُختلفٍ تمامًا مع ضوء الأشعة تحت الحمراء مما يجعل الصور المُلونة الزائفة طريقةً رائعة للعثورِ على المواقِع التي ترتفِعُ قليلاً فوق الأهوار المُحيطة .

_{يُمكنك بالكادِ رؤية بعض المواقع المُرتَفِعة في الصورة الملونة الحقيقية للأهوار العراقية الجنوبية (أعلاه)، لكن تكونُ الآثار أكثر وضوحًا في اللون الزائف المركب (أدناه) . هل يمكنك رؤية التلال الصغيرة الشاحبة وحتى بعض المسارات التي تشُّعُ منها ؟ صور Sentinel-2 (4/3/2 و 8/4/3)، بترخيصٍ من وكالة الفضاء الأوروبية.}

يمكن أن تكون الصور مُتعددة الأطياف أداةً رائعة للعثورِ على مواقِعٍ جديدة ، ولكن هذا ليس هو الحال دائمًا. ستعتمِدُ مدى فائدةَ هذه التقنية على طبيعة عِلم الآثار وسِياقه البيئي .

آثارُ المظاهِر الطبيعية

الهدف من آثار المظاهِر الطبيعية هو فِهمُ الموقٍع بشكلٍ أفضل من خلال دمج علاقته بالبيئة المحلية في تحليلنا. تُعدُّ الصور متعددة الأطياف هي أداة رائعة لذلك . لقد رأينا بالفعل كيف يمكن اِستخدامها لفهم توزيع النباتات والمياه والتربة والجيولوجيا بشكلٍ أفضل وهي جميعها مُتغيرات من المُحتمَل أن نأخذها في الاِعتبار عند اِستِكشاف المظاهِر الطبيعية الأوسع .

_{يساعد هذا المُركّب المُلون الزائِف بالأشعةِ تحت الحمراء لوادي قاديشا المُرتفع في جبال لبنان على مقارنة الجبال بالوديان الأكثر خصوبة. كيف تتوقّع أن تختلف الآثار في هذين المنطقتين ؟ صورة Sentinel-2 (8A/4/3) بترخيصٍ من وكالة الفضاء الأوروبية.}

_{يحتوي شمالُ مصر على العديد من أنواع المظاهِر الطبيعية المُتناقِضة المختلفة داخل منطقة صغيرة . يمكنك أن تتخيّل كيف ستبدو المواقِع مُختلفة تمامًا في دلتا النيل وصحراء سيناء . صورة Sentinel-2 (12/8A/4) بترخيصٍ من وكالة الفضاء الأوروبية.}

حِمايةُ التُراث

توفِّرُ الصورُ مُتعددة الأطياف أداةً رائعةً لمُراقبةِ المواقِع الأثرية وتتبُّعِ التهديدات التي يتعرّضُ لها التراث . تُعتبرُ الزراعة والتحضُّر والتعدين هي ثلاثةُ أمثلة واضحة لأنواع التطورات التي يمكن أن تهدِّد الآثار والتي يمكن تسليط الضوء عليها بسهولةٍ باِستِخدامِ الصور مُتعددة الأطياف .

_{مظاهِرُ التحضُّر حول الأهرامات في الجيزة . التمدُّد الحضري أو العمراني هو اللون الأرجواني (البنفسجي) الذي يقع الآن في كل من شرق وغرب الأهرامات . تشرُقُ الشمسُ من الجنوب الشرقي وبالتالي يتمُ التأكيد على مَعالِم الآثار نفسها من خلال مناطق الظل على جوانبها الغربية . هل يمكنك رؤية المُثلثات الداكِنة ؟ صورة Sentinel-2 (12/11/4) بترخيصٍ من وكالة الفضاء الأوروبية .}

_{التوسّعُ الزراعي والحضري المُحِيط بجزءٍ من موقع التراث العالمي لليونسكو في سامراء . كانتْ سامراء عاصمة قصيرة الأمد للخلافةِ العباسية وتنتشِرُ بقاياها على مساحةِ 150 كيلومترًا مربعًا من المظاهِر الطبيعية إلى الشرق من نهر دجلة شمال بغداد . صورة Sentinel-2 (8/4/3) بترخيصٍ من وكالة الفضاء الأوروبية .}

_{تعدينُ النحاس الحديث في شمال عُمان ومحو أي آثار لمناجم العصر البرونزي الأول . زودتْ عُمان كمياتً كبيرة من النحاس إلى جنوب بلاد ما بين النهرين خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد . تمَّ الآن تدميرُ الكثيرَ من الأدلة من هذه الفترة مع مساحات كبيرة من المظاهِر الطبيعية التي يمكنُ رؤيتها على شكلِ نقاطٍ أرجوانية(بنفسجية) في الأربعين عامًا الماضية. صورة Sentinel-2 (12/11/2) بترخيصٍ من وكالة الفضاء الأوروبية .}

هل من المُرجّحِ أن تستفيدَ من الصور مُتعدِّدة الأطياف في التنقِيبِ عن الموقِع أو آثارِ المظاهِر الطبيعية أو حمايةِ التُراث ؟ أخبرنا عن ذلك في التعليقات أدناه .