الطابوقُ الطِيني (اللِبِن) والأحْجارُ

إنَّ أكثرَ مادتي البناء شيوعًا التي نراها في عِلم الآثار هما الطابوق الطيني (اللِبِن) والأحجار . على الرغم من إستخدامِ أنواعٍ أخرى من المواد مثل خشب البناء إلا أنَّ هناك عدَّة عوامل تميلُ إلى إستخدامِ الطين والحجر كما سنراه في الشرحِ أدناه .

ماهو الطَابُوقُ الطِينِي (اللِبِن)؟

الطابوقُ الطِيني عموماً هو عبارةٌ عن كُتلةٍ مَصنوعةٍ من تُربةٍ غَنِيةٍ بِالطينِ وغالِباً مايتُّمُ خلطَها مع القَشّ وموادٍ عِضوية أخرى (الشكل 1). تُتحوّلُ هذه الكتلةُ الطينية إلى طابُوقٍ صلِبٍ يمكن إستخدامه في عمليات البناء وذلك بعد أنْ يتُّمُ تقويتها من خلال تجفيفها تحت أشعة الشمس أوعن طريقِ حرقها في النار لِلحصولِ على الصَلابةِ المَطلوبة (الشكل 2). هذا ولايزالُ الطابوقُ الطِيني (اللِبِن) مُستخدَماً حتى يومنا هذا في أجزاءٍ كثيرة من العالَمِ (الأشكال 3-4) .

_{الشكل رقم 1: طابوق طيني (لِبِن ) حديث الصُنع يتمُ إستخدامه لِبناءِ مبنى حديثٍ في سلطنة عُمان. لاحِظ كيفية عمل مزيج القش مع الطابوق أثناء صنعه. الصور بترخيص من كريستين هوبر.}

_{الشكل رقم 2: قسم من جدار تأريخي حديث مبني من الطابوق الطيني. الصورة بترخيصٍ من كريستين هوبر.}

_{الشكل رقم 3: بيوت من الطابوق الطيني في المناطق الريفية في الهند في الوقت الحاضر. الصورة بترخيص من سيانتاني نيوجي.}

_{الشكل رقم 4: بيت من الطابوق الطيني (اللِبِن) في منطقة قونيا في دولة تركيا الحديثة. الصورة بترخيصٍ من أوسكار بييتون.}

هذا ونظرًا لأنَّ الطابوقَ الطيني (اللِبِن) ناعمٌ جدًا وهش فإنَّه عُرضَة للعواملِ الجوية وخاصة التعرية بفعلِ الرياح والمياه (الشكل 5). كما أنَّه عند تفكُّك تراكيب الطابوق الطيني فإنِّها تقومُ بِتشكيلِ رواسب التربة، وفي حال تشييدِ بنايةٍ مصنوعة من الطابوق الطيني وقائمة في نفسِ المكان لِمُدةٍ طويلةٍ فإنَّه بِمرورِ الوقتِ يتحلَّلُ طابوق هذه البناية مُشكِّلاً رواسبَ تربة عميقة والتي بِدورها تُشكِّلُ مواقِعَ التِلال المُميّزة الشائِعة في جَميعِ أنحاءِ غَرب آسيا والمعروفةِ بِاللغةِ العَربية بِإسمِ “تل”.

_{الشكل رقم 5: هياكل مهجورة من الطابوق الطيني في قرية تأريخية حديثة. لاحِظ الإنهيار الواسع في هذه الهياكل والتصدُّعات المرئية في هذا الجزء والثغرات المُستديرة الملساء حيث أدَّت الرياح والأمطار إلى تآكُلِ المادة اللينة فيها. الصورة بترخيص من كريستين هوبر.}

تَعتمِدُ عمليةُ إعادة بناءِ وتفسيرِ هياكل الطابوق الطيني (اللِبِن) من قبل علماء الآثار على فهمِ تِقَنّيات البناء وأشكال تَحلُّل هذا الطابوق التي تمَّتْ مضادفتَها في الأماكن الأثرية المَحفوظَةِ جيدًا.

يعودُ تأريخُ فنِّ البناء بِالطابُوقِ الطِيني (اللِبِن) في هذه المنطقةِ إلى أوائِلِ العَصرِ الحَجري الحَديث قبل الفخاري عندما تمَّ بناءُ الهياكل في نتيف هاغود وأريحا (الشكل 6) من طابوق طيني (لبني) مستوي ومُحدَّب (جانب منه مُسطّح وجانب مُستدير). هذا وتُظهِرُ الدراسات الإثنوغرافية والأثرية أنَّه يتُّمُ الحصولُ على الموادِ الخام المُستخدَمة في صناعة الطابوق الطيني (اللِبِن) عادةً من التُربة القريبة من المُستوطَناتِ.

_{الشكل رقم 6: فنُّ البناء بِإستخدامِ الطابوق الطيني تمَّ التنقيب عنه في مدينة أريحا. الصورة أي سبكووسكي، الملكية العامة، عن طريق ويكيميديا كومنز.}

الحجرُ كَمادَةِ بِناءٍ

الحجرُ هو مادةُ بِناءٍ مُمتازةٍ تمَّ إستخدامُها لبناءِ كل شيء من الملاجئ البسيطة إلى المَعالِم المِعْمارِية الكُبرى عبر مراحل التأريخ. تتراوحُ أمثلة الحَجر من فنِّ العِمارة الضخمة الدائمة لمِصْرِ القديمة (الشكل 7) إلى مواي جزيرة الفصح التي أقامها شعب رابا نوي الأصلي. يأتي الحجرُ المُستَخدَم عادةً من مصادرٍ محلية. كما أنَّ العمارة المنحُوتة في الصخر معروفةٌ أيضاً حيث يتُّمُ نحتُ المباني والمَعالِم في الصَخرِ بالإضافةِ إلى المَباني ذاتِ الأحجار الرَخوة، كما هو الحال في موقعِ البتراء النبطي في الأردن (الشكل 8) أو كهوفِ أجانتا في الهند.

_{الشكل رقم 7: عمارة حجرية ضخمة من مدينة الأقصر في مصر. الصورة بترخيص من سيانتاني نيوجي}

_{الشكل رقم 8: فن العِمارة المنحوتة بالصخور من مدينة البتراء في الأردُن. الصورة بِترخيصٍ من سيانتاني نيوجي}

ما هي الأنواع المختلفة لمواد البناء التي تجدها تأريخيًا في منطقتك المحلية؟ هل تجد لها أي إستمرارية مع تقنيات البناء السابقة أمْ أنَّ أنماط البناء قد تغيَّرتْ؟ ما أنواع الظروف البيئية وحالات المظاهِر الطبيعية التي تميلُ إلى إستخدامِ مواد بناء مُعينة؟